
احتفلت الأمم المتحدة في الثاني عشر من شهر يونيو باليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال, الظاهرة التي انتشرت في مصر في الآونة الأخيرة بشكل خطير, حيث يتم استخدام الأطفال في سن أقل من المقررة قانونا, في العمليات المسلحة والأعمال الإباحية والاتجار بالبشر وتجارة المخدرات.
رصد هردو لدعم التعبير الرقمي تلك الظاهرة في إطار تقريره الصادر بعنوان “عمالة الأطفال قضية وطن ومستقبل أجيال” حيث يقوم من خلاله بتحليل عمالة الأطفال, أسبابها و انتشارها والتشريعات المنظمة لها و طرق معالجتها.
يقدم التقرير في بدايته تعريفا باليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال, الذي خصصته الأمم المتحدة من أجل مكافحة هذه الآفة والقضاء عليها نهائيا بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني وحكومات الدول التي تنتشر فيها هذه الظاهرة, وفئات عمل الأطفال التي يحظرها القانون الدولي, بالإضافة إلى التقديرات والاتجاهات العالمية الجديدة لعمالة الأطفال والصورة الشاملة لمعدل انتشار الظاهرة الذي يبدو مبشرا , حيث يسجل عمل الأطفال انخفاضا يتناسب طرديا مع خطورة العمل الذي يقوم به الطفل.
ثم يعرض التقرير المبادئ الرئيسية لاتفاقية منظمة العمل الدولية التي تحدد السن الأدنى لاستخدام الطفل الذي يجب أن يزيد عن السن الأدنى لاستكمال التعليم الإلزامي, ويشير إلى أن الفقر والأزمات الاقتصادية هي أحد العوامل الرئيسية في انتشار ظاهرة عمالة الأطفال, إلا أن من منظور حقوق الإنسان فهذه الظاهرة ناتجة عن التمييز والاستبداد والدليل على ذلك استخدام الفتيات والأقليات الإثنية والشعوب الأصلية والقبلية والطبقات الأدنى من المجتمع والمعاقون والمهجرون والمقيمون في مناطق نائية.
وعن حقوق الطفل في مصر, فالدستور المصري يحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الاساسي، كما يحظر تشغيله في الأعمال التي تعرضه للخطر, يوضح التقرير ذلك من خلال المادة 80 من الدستور و قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 , بالإضافة إلى المواد 98 , 100, 101, 102 من قانون العمل الذي يضع نظام لتشغيل الأطفال و الظروف و والشروط والأحوال التي يتم فيها التشغيل وكذلك الأعمال والصناعات وعدد ساعات العمل اليومية وفترات الراحة التي يحدد بها عمل الطفل.
كما يعرض التقرير حقوق الطفل في القانون الدولي, ويأتي ذلك في إطار اتفاقية حقوق الطفل التي أنشئت بهدف حماية الأطفال من جميع أنواع الإساءات التي يتعرضون لها, ومن خلال أربع مبادئ رئيسية تحدد الاتفاقية الحقوق المشتركة لجميع الأطفال، أيا كانت جنسياتهم أو خلفياتهم الثقافية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية, بالإضافة إلى البروتوكول الاختياري بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة و البروتوكول الاختياري بشأن بيع وبغاء الأطفال والمواد الإباحية التي تستخدمهم, وأيضا اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 بشأن أسوأ أشكال أعمال الأطفال و اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 التي تحدد السن الأدنى للعمل.
ويعرف التقرير مصطلح عمالة الأطفال على أنه هو العمل الذي يضع أعباء ثقيلة على الطفل، والذي يهدد سلامته وصحته ورفاهيته، العمل الذي يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته عن الدفاع عن حقوقه، العمل الذي يستغل عمل الأطفال كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار، العمل الذي يستخدم وجود الأطفال ولا يساهم في تنميتهم، العمل الذي يعيق تعليم الطفل وتدريبه ويغير حياته ومستقبله، ويرجع ذلك لأسباب اجتماعية كالتفكك الأسري وارتفاع معدل الإنجاب, وأسباب اقتصادية كالفقر والبطالة وأسباب سياسية مثل الاستعمار والحروب و العنصرية, ومن الآثار الناتجة عن ذلك تشرد الأطفال وإدمان المخدرات, بالإضافة إلى انتشار البطالة، وتأتي العدوانية وحب الإساءة للآخرين ضمن الآثار النفسية لذلك.
ويقدم التقرير بعض وسائل المعالجة لظاهرة عمالة الأطفال مثل كفالة اليتيم ودعم الأسر الفقيرة وتوفير بيئة صحية للطفل وتوفير فرص عمل لأولياء الأمور, وتشير النظرة التحليلية للتقرير أن الأطفال هم الاستثمار الحقيقي للدول ولابد من العناية بنشأتهم على قدر من العلم والثقافة الذي يتيح لهم القدرة على تحمل المسئوليات للنهوض بالمجتمع, وأن انتشار ظاهرة عمالة الأطفال في مصر يدق ناقوس الخطر ويجب أن تنتبه له الدولة وتتخذ من التشريعات وتغليظ العقوبات على استخدام الطفل ما يسمح بالحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها, وذلك بمشاركة كافة مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والإعلام .
وتأتي توصيات هردو لدعم التعبير الرقمي في ختام التقرير بوجوب مراجعة القوانين المنظمة لأحكام قانون العمل والتأمين بشأن الطفل و وحماية الأطفال من الوقوع فريسة للاستغلال الاقتصادي من قبل أرباب العمل, مع ضرورة إعادة تأهيل الأطفال العاملين ودمجهم اجتماعيا و الاهتمام بالرعاية الصحية للأطفال العاملين, بالإضافة إلى دعم وتشجيع قطاعات العمل التطوعي ومؤسسات المجتمع المدني لعمل المشروعات الإنتاجية خاصة المشروعات التي تستهدف أسر الأطفال العاملين و تطوير التشريعات القانونية وتعديلها للحد من عمل الأطفال بما يتفق مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان. كما يوصي المركز بنشر الوعي وتنمية الثقافة القانونية ذات العلاقة بعمل الأطفال في سن مبكرة لدى اسر الأطفال العاملين والمراقبة والتفتيش على الأماكن التي يعمل بها الأطفال للتأكد من تطبيق أحكام قانون العمل, وأخيرا: تخصيص قاعدة بيانات تتوافر بها المعلومات والإحصائيات الخاصة بعمل الأطفال وتطبيق منهجية علمية لجمع البيانات الإحصائية وتحديثها وتطويرها بشكل دورى يفيد الباحثين في هذا الصدد.
أضغط هنا للإطلاع على التقرير Online
No Responses to “عمالة الأطفال قضية وطن ومستقبل أجيال”