
امتلأت شوارع القاهرة في الفترة القليلة الماضية باللافتات الإعلانية التي حملت سؤال : ” الأكل ولا التعليم “, فقط دون أية تفاصيل عن من المعلن أو ما الهدف من تلك السؤال, مما أثار فضولا هائلا بين صفوف المواطنين ثم انقلب إلى جدلا واسعا حول الهدف من السؤال وما إذا كانت الدولة تخير الناس بين الغذاء أو التعليم, ومنهم من عارض فكرة السؤال نفسه ومدى عدم منطقيته بينما انخرط البعض الآخر في الإجابة على السؤال والمفاضلة بين أولوية الأكل و التعليم.
هذه الضجة التي أثارتها الحملة الإعلانية دعت مركز هردو لدعم التعبير الرقمي إلى القيام باستطلاع رأي بين المواطنين على شبكات التواصل الاجتماعي حول الحملة الإعلانية وعلى إثره أصدر تقريرا بعنوان ” أثر السياسات الإعلانية على السلوك الاجتماعي ” يناقش فيه نتيجة تأثير مثل هذه الحملات في سلوك المواطنين وانعكاس ذلك على الدولة.
في البداية يبين التقرير نتيجة استطلاع الرأي الذي اشتمل على أسئلة: هل أعجبك هذا الإعلان؟ والذي كانت نسب إجابته 23.5% نعم و76.5% لا, وما إذا كان الإعلان يدعم ام ينتهك حقوق الإنسان الذي جاءت إجابته بنسبة 20% بنعم و80% بتأكيد انتهاك حقوق الإنسان بمثل هذه الأسئلة التي تدعو المواطنين للمقارنة بين حقوقهم الأساسية والضرورية.
ثم يوضح التقرير بعض آراء المتخصصين مثل الدكتور / شريف مقدام الطبيب النفسي, الذي رأى أن مثل هذه الإعلانات تدعو الناس لاختيار إجابات شائعة غير منطقية ولا تعبر عن رأيهم الحقيقي فقط من أجل إرضاء شعورهم بالمشاركة الفعالة في المجتمع, بينما كان رأي الأستاذ/ أحمد جمعة الباحث بمركز هردو, أنه لا يصح أن يبرز الإعلان مثل هذا الوعي لدى المواطنين دون أن يصاحبه جهود من الدولة لدعم احتياجات المواطن الأساسية, وأن إيجابية هذا الإعلان إنما تنحصر في القدرة على توليد مثل هذا الجدل بين المواطنين الأمر الذي ينتج عنه زيادة وعي الشعب بحقه في كلا من الغذاء السليم و التعليم المناسب على حد السواء.
كما يقدم التقرير بعض النسب الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن الأسر المصرية التي تقع تحت خط الفقر والتي تجاوزت ربع الشعب المصري, بالإضافة إلى بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك الذي يشير إلى ارتفاع نسبة الفقر في كل عام عن سابقه.
وفي نظرة تحليلية يشير التقرير ختاما إلى حقيقة وجود أزمة كبيرة يعانيها الشعب المصري من حيث الغذاء والتعليم مما يتطلب ضرورة وقوف المجتمع المدني جنبا إلى جنب مع الدولة من أجل تجاوز هذه الأزمة والقضاء عيها, فضلا عن أن مثل هذه الحملات الإعلانية تمثل سلاحا ذو حدين, فبينما تولد هذا الإعلانات غضبا واستفزازا للمواطنين وتزيد من عدم ثقتهم في الحكومة ودعوتها للمفاضلة بين حقين أساسيين من حقوق الإنسان, لكن على الجانب الآخر فإن هذا الجدل المثار والنقاش الواسع هو ضروري لزيادة وعي المواطن بحقوقه وتمسكه بها ومطالبة الدولة بضرورة تلبية احتياجات المواطن الأساسية دون تفضيل إحداها على الأخرى.
للإطلاع على التقرير Online PDF
No Responses to “أثر السياسات الإعلانية على السلوك الإجتماعي”