
نوفمبر الأسود.. “حالات فردية” هو عنوان التقرير الذي يصدره مركز هردو لدعم التعبير الرقمي ليناقش فيه التزايد المستمر في وقائع التعذيب التي تحدث في مصر داخل أماكن الاحتجاز, وذلك بعد أن شهد شهر نوفمبر الماضي العديد من تلك الوقائع والتي أدت إلى الوفاة في بعض الحالات, ولعل أشهرها وفاة المواطن طلعت شبيب في الأقصر إثر تعذيبه داخل قسم الشرطة وأخرها فتاة شبرا الخيمة كما تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية.
في البداية يلقي التقرير ضوءا على المخالفات الدستورية والإنسانية التي تحدث جراء هذه الحوادث, حيث نص الدستور المصري وجميع الاتفاقيات الدولية على حماية حقوق الإنسان وكرامته الإنسانية وحقه في الحياة دون أي تمييز أو تعصب, وعلى سبيل المثال لا الحصر من الاتفاقيات التي تم سردها في التقرير: اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة, الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ثم يعرض التقرير وقائع التعذيب التي تمت داخل أماكن الاحتجاز خلال شهر نوفمبر والتي شملت أكثر من محافظة وعلى الوجهين البحري والقبلي, والأقسام التي تمت فيها حوادث التعذيب هي: قسم حدائق القبة, قسم إمبابة, قسم المطرية, مركز شرطة كفر الدوار, قسم شرطة الأقصر, قسم عين شمس, قسم شرطة الإسماعيلية, ومركز شرطة شبين القناطر, وختاما بقسم ثان شبرا الخيمة.
وعن الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية من أجل التصدي لظاهرة التعذيب التي كما أطلق عليها “حالات فردية” – وفق تقرير مركز هردو – فقد أعلنت الوزارة عن تشكيل لجان تحت إشراف جهاز الأمن الوطني لمواجهة تكرار هذه الوقائع, الأمر الذي لا يقبله أي عقل بالمرة حيث أن هذا الجهاز تحديدا هو المسئول عن معظم حالات التعذيب خاصة للمعارضين السياسيين, كما أعلنت الوزارة عن تشكيل نقابات رقابية نوعية من شأنها متابعة ومراقبة أداء ضباط الشرطة ومنع أي تجاوزات تصدر عن أيا منهم, هذا بالإضافة إلى قرارات نقل الضباط المتهمين في وقائع التعذيب إلى محافظات أخرى.
بعدها ينتقل التقرير إلى ردود أفعال المنظمات والتيارات المختلفة التي أبدت استياءها الشديد من تزايد ظاهرة التعذيب داخل أماكن الاحتجاز ومنها المجلس القومي لحقوق الإنسان, لجنة الحريات بنقابة المحامين, وحزب مصر القوية, التيار الديمقراطي والذي بدوره طالب بالإفراج عن الصحفي “إسماعيل الاسكندراني” المحتجز بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان. فضلا عن التقرير الذي أصدره مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب عن انتهاكات شهر نوفمبر ورصد فيه: وفاة 13 شخصًا في أماكن الاحتجاز خلال شهر نوفمبر الماضي، بينهم 9 نتيجة التعذيب، و3 بسبب الإهمال الطبي، بجانب حالة انتحار, و63 حالة قتل خارج إطار القانون، 10 حالات قتل خطأ، 42 حالة تعذيب، 13 حالة تعذيب جماعي، 12 حالة سوء معاملة، و75 حالة إهمال طبي. وكذلك 40 حالة اختفاء قسري، بجانب 14 حالة عنف من الشرطة خارج أماكن الاحتجاز.
وفي النظرة التحليلية يشير التقرير إلى أن استمرار تجاوزات جهاز الشرطة التي أصبحت منهجا متبعا قد يؤدي لقيام انتفاضة شعبية أخرى ضد النظام المصري كما حدث من قبل في مصر وفي الدول الأخرى التي شهدت ثورات شعبية قامت بسبب تعدي الشرطة على المواطنين. وكما توضح النظرة التحليلية إلى أنه لابد من وجود عقوبات رادعة لهذه التجاوزات غير الفردية بالمرة.
وفي الختام يطالب مركز هردو لدعم التعبير الرقمي بالتزام وزارة الداخلية بأحكام الدستور والقانون والاتفاقيات الدولية فيما يتعلق بمعاملة السجناء والمحتجزين, وإحالة كل من تورط في مقتل أو تعذيب أو إهانة مواطن بالمخالفة للقانون من ضباط وأفراد وزارة الداخلية إلي النيابة العامة والمحاكمة العاجلة دون تغاضي علي تلك الجرائم, بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات عقابية صارمة ضد المتورطين في أحداث تعذيب المواطنين وقتلهم بدم بارد في أقسام الشرطة, وأخيرا التأهيل النفسي والقانوني لضباط وأفراد الشرطة لتهيئتهم للمعاملة الآدمية مع المواطنين القائمة علي الاحترام المتبادل.
أضغط هنا للإطلاع على التقرير Online PDF
No Responses to “المواطن المصري يفقد كرامته وحياته تنتهي بمبرر “الحالات الفردية””