
تكنولوجيا المعلومات، مهما كانت قدرتها على إحداث التغيير المجتمعي، فهي لا تهب المجتمعات حريتها، وإنما هي أداة لدعم الممارسة الديموقراطية. وهذه الأداة لا تقتصر على استخدام الإنترنت في التصويت في الانتخابات، بل تتجـاوز ذلك بكثير إلى قضايا عديدة تتعلق بالجوانب المختلفة لآلية الانتخابات والتصويت، والمسوح الـتي تتم علي الإنترنت، واسـتطلاعات الرأي، والاحتجاجات، والعصيان المدني.
وفي الفترة الأخيرة, شهد العالم العربي تطور هائل في الارتباط بثورة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات, ارتبط هذا التطور مع تنامي مماثل على الصعيد السياسي, وبرزت التجربة العربية في الديموقراطية الرقمية حتي بدأت في لعب دور في عملية الاصلاح السياسي والتطور الديموقراطي.
ففي ظل وجود بيئة عربية تحوي ضعف مؤسسي يتمثل في ضعف دور الاحزاب السياسية والمجتمع المدني وممثلي السلطة التشريعية كمؤسسات وسيطة بين الحاكم والمحكوميين، وعدم توافق بين التغييرات في الرأي العام وبين عملية وضع السياسات, جاء تزايد تكنولوجيا الاتصال والمعلومات ليوفر فرص امام لاعبيين جدد غير الأحزاب السياسية والسلطة التشريعية، خاصة مع وفرة الانترنت كوسيلة سهلة ورخيصة وسريعة الانتشار، فضلا عن الحرية المتاحة نسبيًا عن وسائل الاعلام التقليدية.
وعلي هذا النحو, يقدم التقرير مفهوم الديمقراطية الرقمية, وأشكال الديمقراطيات المتعارف عليها وهي المباشرة وغير المباشرة وشبه المباشرة, موضحًا أن الديمقراطية الرقمية لا تعتبر شكل جديد من أشكال الديمقراطية علي قدر ما تعتبر أداة أو وسيلة جديدة يتم استخدامها للحديث عن الديمقراطية, كما يستعرض آليات الديموقراطية الرقمية, كآلية الانتخابات الرقمية, أو استطلاعات الرأي عبر الإنترنت, والتعبير عن الرأي والضغط السياسي والحشد والتأييد والمناصرة لقضية ما, والتنظيم والفعل السياسي وأخيرًا الإسهام في حركة حقوق الإنسان من خلال التوعية بها دوليًا أو مناصرة قضية محلية ما دوليًا وفضح انتهاكات الحكومات.
وتعد سلبيات تدخل الإنترنت في الحياة السياسية أولها القرصنة الإلكترونية لأغراض سياسية, كهجمات “نايل فيش” علي نشطاء حقوق الإنسان, الذي وضحت شركة “Google” أن وراءها فواعل حكومية في مصر, وثانيها استخدام الإنترنت من خلال الجماعات الإرهابية وداعش أبرز مثال للتجنيد وجذب متطرفين جدد.
كما يناقش تراجع دور الأحزاب, ورقمنة السياسة وبروز العمل السياسي من خلال الإنترنت في حين تراجعه في أرض الواقع, وأخيرًا يوضح الارتباك التشريعي في مسألة تقنين الإنترنت.
أضغط هنا للإطلاع أو تحميل نسختك Online PDF
No Responses to “الديمقراطية الرقمية .. التكنولوجيا وظاهرة رقمنة السياسة”