
أصدر مركز هردو لدعم التعبير الرقمي تقريرا جديدا يتقصى العلاقة بين مفهوم الأخبار الكاذبة والذي أخذ زخما كبيرا مع وصول الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب للسلطة وبين مفهوم محاربة الشائعات التي بدأت الحكومة المصرية تروج له في الفترة الأخيرة .
في الآونة الأخيرة بدأت الدولة المصرية في تبني خطاب عدائي تجاه صناعة الأخبار والصحافة خاصة تلك المرتبطة بالشوسيال ميديا متهمه إياها بنشر الشائعات، لم يبدأ هذا الخطاب بالطبع في الأنة الأخيرة فقط ، لكن ثمه تحول جوهري قد يعبر عنه من خلال التشابه بين خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد الإعلام الأمريكي المعارض له هناك وبين خطابات الدولة المصرية. ففي خطاب الرئيس السيسي الأخير والذي ألقاه في ال22 من يوليو في حفل تخرج دفعة جديدة من الكلية الحربية قال الرئيس إن الدولة المصرية تعرضت ل 21 ألف إشاعة في أخر ثلاثة شهور فقط . يبدو الرقم المبالغ فيه كإجراء احترازي تجاه كل ما ينشر ، تريد الحكومة أن تشككنا في كل الأخبار التي نتلقاها خاصة علي منصات السوشيال ميديا.
لا يشكل الرئيس السيسي أو الدولة المصرية حالة خاصة الآن في العالم في ترسيخ خطاب ” الشائعات ” أو ” الأخبار الكاذبة “(fake news). ولم تكن تلك الخطابات جديدة على الحكومة المصرية والتي تتبني منذ يوليو 2013 خطابا عدائيا ضد الإعلام والصحافة وخاصة المستقلة منه، فقد أدت حالة الاستقطاب الاستقطاب السياسي التي أعقبت إزاحة الرئيس السابق محمد مرسي عن الحكم لخطابات كراهية شديدة في الإعلام المصري وضد كل ما يعارض السردية الرسمية عن السياسة في مصر .
اتهم الإعلام الرسمي والمسئولون الرسميون كثير من وسائل الإعلام المستقلة بترويج الشائعات بل أصبحت تلك تهمة رسمية يمكن من خلالها تعقب النشطاء والفاعلون السياسيون المستقلون والمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر . في هذا التقرير نحاول الربط بين الخطاب السياسي المحلي التي تتبناه الحكومة المصرية وممثلوها في أجهزة الإعلام وبين الخطاب العالمي والذي اكتسب زخما كبيرا بداية من العام 2016 في حملة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب الانتخابية .
في ظل تصاعد اليمين الشعبوي في العالم كان خطاب عداء الصحافة وصناعة الأخبار ككل وصف أكبر المؤسسات الصحفية ذات المصداقية بأنها منصات لنشر الأخبار الكاذبة مهيمنا علي الخطاب السياسي، خاصة من 2016 وقبل تولي الرئيس الأمريكي ترامب مقاليد الأمور في البيت الأبيض . أيضا في الحالة الفرنسية، المجر، بولندا وإيطاليا وبالطبع روسيا وكل تلك الدول التي شهدت تصاعدا حادا في السلطوية السياسية والشعبوية الخطابية.
لا يمكننا بالطبع أن نقول أن الحالة المصرية تتشابه كليا مع الحالات السابقة ، فأحد أهم الخصوصيات التي تتفرد بها الحالة المصرية أن خطابها أكثر عدائية فيما يتعلق بالشائعات وأن الدولة في نفس الوقت هي أحد أكبر المروجين للشائعات عبر تحكمها الكامل في الإعلام ، أيضا لا يخفي على الكثيرين أن سببا مباشرا في انتشار الشائعات – وإن كانت ليست بالكم الذي تروية الرواية الرسمية – هو التضييق المستمر على حرية الصحافة وعمل الإعلام وهو الهامش الذي يمكن أن نقول أن المؤسسات الصحفية الخاصة اكتسبته من يناير وما بعدها.
يتجاوز التقرير الحالة المصرية ليحلل السياق العالمي الذي ساهم فى تطوير خطاب ( الأخبار الكاذبة ) سياسيا وكيف تستخدمه نظم سياسية عديدة فى الوقت الحالي فى تعقب معارضيها والإجهاز على ما تبقي من حرية الصحافة . يدافع التحليل الذي يتضمنه التقرير عن أن الأخبار الكاذبة بوصفها ظاهرة سلبية ليست مبررا على الإطلاق أن تعمل الدولة على إطلاق نسختها الحصريه من المعلومات ، حيث أن هذا في الأساس هو دور الصحافة وليس دور الدولة. وفي هذا السياق يقدم التقرير في جزئه الأخير قراءة لمحاولات عالمية ومصرية للتقصي حول الأخبار الكاذبة فيما يعرف بصحافة ” تقصي الحقائق “(fact check journalism )، علي سبيل المثال صفحة فيسبوك بعنوان ( متصدقش ) أو على المستوي العالمي (politico fact ) ومواقع أخري ، يتقصى التقرير الدور الذي تلعبه هذا النوع من الصحافة كوسيلة جيدة لمحاربة الأخبار الكاذبة بدون الجور علي حرية الصحافة نفسها والعمل على التقليل من دورها في نشر الأخبار والحقائق .
يقدم التقرير أيضا في النهاية مجموعة من التوصيات التي يمكن من خلالها للدولة والمجتمع محاربة الشائعات بدون الجور علي حرية التعبير وحرية الصحافة.
أضغط هنا للإطلاع أو تحميل التقرير Online PDF
No Responses to “العلاقة بين مفهوم الأخبار الكاذبة ومفهوم محاربة الشائعات”